الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
(قَوْلُهُ: وَجَمَعَ) أَيْ الْبَيْهَقِيُّ و(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ ذَلِكَ الْخَبَرِ.(قَوْلُهُ: بِحَمْلِ هَذَا) أَيْ حَدِيثِ: «لَا تُقْبَلُ» إلَخْ و(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلِ) أَيْ وَحَمْلِ الْخَبَرِ السَّابِقِ.(قَوْلُهُ: فَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ) أَيْ يُنَافِي جَمْعُهُ الْمَذْكُورُ تَأْوِيلَهُ الْمُتَقَدِّمَ.(قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُ تَأْوِيلَهُ إلَخْ) إنْ كَانَتْ الْهَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ لِلْبَيْهَقِيِّ فَفِي مُوَافَقَةِ تَأْوِيلِهِ الْأَوَّلِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ سم أَيْ فَلَابُدَّ مِنْ إرْجَاعِهِ إلَى مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ.(قَوْلُهُ: «زِيدَ عَلَيْهَا مِنْ سُبْحَتِهَا» إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ هَلْ الْمُضَاعَفَةُ فِي نَحْوِ مَكَّةَ تُلْحَقُ بِالتَّطَوُّعِ فِي جَبْرِ الْفَرَائِضِ فِي الْآخِرَةِ بَصْرِيٌّ أَيْ، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ.(قَوْلُهُ: الِاحْتِسَابُ مُطْلَقًا) إنْ أُرِيدَ بِالْإِطْلَاقِ مَا يَشْمَلُ تَعَمُّدَ التَّرْكِ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ سم وَأَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الصَّلَاةُ فَفَرْضُهَا أَفْضَلُ الْفُرُوضِ وَنَفْلُهَا أَفْضَلُ النَّوَافِلِ وَلَا يَرِدُ طَلَبُ الْعِلْمِ وَحِفْظُ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَيَلِيهَا الصَّوْمُ فَالْحَجُّ فَالزَّكَاةُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ أَفْضَلُهَا الزَّكَاةُ وَقِيلَ الصَّوْمُ وَقِيلَ الْحَجُّ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْخِلَافُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ وَاحِدٍ أَيْ عُرْفًا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ مِنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ الْعَمَلُ الْقَلْبِيُّ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الرِّيَاءِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَمْ يُعْمَلْ لِمُجَرَّدِ التَّقَرُّبِ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُثَبْ عَلَيْهِ وَإِنْ سَقَطَ بِالْفَرْضِ مِنْهُ الْوُجُوبُ وَمُرَادُهُ السَّالِمُ مِنْ الرِّيَاءِ، وَأَمَّا مَا صَاحَبَهُ غَيْرُهُ كَالْحَجِّ بِقَصْدِهِ وَقَصْدِ التِّجَارَةِ فَلَهُ ثَوَابٌ بِقَدْرِ قَصْدِهِ الْعِبَادَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا قَرْنَهُ بِهَا غَيْرُ مُنَافٍ لَهَا بِخِلَافِ الرِّيَاءِ كَمَا أَشَرْت لِذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَأَطَلْت الْكَلَامَ فِيهِ فِي حَاشِيَةِ إيضَاحِ الْمَنَاسِكِ.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ: مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ) وَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْآكَدِ دُونَ الْمُؤَكَّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْعَمَلُ الْقَلْبِيُّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَلَّ كَتَفَكُّرِ سَاعَةٍ مَعَ صَلَاةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ.(قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ السَّالِمُ مِنْ الرِّيَاءِ) فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: وَيُجَابُ عَنْ الْخَبَرِ أَيْ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَنَّهُ حَيْثُ اجْتَمَعَ قَصْدٌ دُنْيَوِيٌّ وَأُخْرَوِيٌّ فَلَا ثَوَابَ أَصْلًا وَهُوَ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ «مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ هُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ» بِحَمْلِهِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِعَمَلِهِ الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ فَلَا يُمْكِنُ مُجَامَعَةُ الثَّوَابِ لَهُ. اهـ.(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا صَاحَبَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) فِي مُقَابَلَتِهِ لِمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ مَعَ قَوْلِهِ وَمُرَادُهُ إلَخْ نَظَرٌ.(قَوْلُهُ: كَالْحَجِّ بِقَصْدِهِ وَقَصْدِ التِّجَارَةِ) وَقَدْ يُقَالُ الْحَجُّ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِحْرَامِ وَالْأَعْمَالِ الْمَخْصُوصَةِ وَلَا يُقْصَدُ بِهَا التِّجَارَةُ نَعَمْ قَدْ يُقْصَدُ بِوَسِيلَتِهَا مِنْ السَّفَرِ ذَلِكَ فَهَلْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ حَتَّى يَنْقُصَ ثَوَابُ مَنْ قَصَدَ بِسَفَرِهِ الْحَجَّ وَالتِّجَارَةَ وَإِنْ أَتَى بِإِحْرَامِهِ وَمَا بَعْدَهُ لِمُجَرَّدِ التَّقَرُّبِ.(قَوْلُهُ: كَمَا أَشَرْت لِذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ عَقِبَ مَسْأَلَةِ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فَلَا تَشْرِيَكَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ بِخِلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الثَّوَابُ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفُوا فِي حُصُولِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ بِأَدِلَّتِهِ الْوَاضِحَةِ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهَا إنْ قَصَدَ الْعِبَادَةَ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ انْضَمَّ لَهُ غَيْرُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا. اهـ.(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَلِيهَا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ أَفْضَلُهَا الزَّكَاةُ وَقَوْلَهُ أَيْ عُرْفًا.(قَوْلُهُ: عِبَادَاتِ الْبَدَنِ) احْتَرَزَ بِالْبَدَنِ عَنْ الْقَلْبِ كَمَا يَأْتِي فَتَشْمَلُ عِبَادَةُ الْبَدَنِ الْعِبَادَةَ اللِّسَانِيَّةَ وَالْعِبَادَةَ الْمَالِيَّةَ كَمَا يُفِيدُ قَوْلُهُ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ أَفْضَلُهَا الزَّكَاةُ.(قَوْلُهُ: بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ أَمَّا النُّطْقُ بِهِمَا فَهُوَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا ع ش.(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ الْمُنَافَاةِ لِمَا سَبَقَ لَهُ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ مِنْ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الْفُرُوضِ حَتَّى الصَّلَاةِ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَنَفْلِهَا فَرَاجِعْهُ بَصْرِيٌّ.(قَوْلُهُ: عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ إلَخْ) يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ م ر أَيْ النِّهَايَةِ اعْتِمَادُهُ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ ع ش.(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الصَّوْمُ إلَخْ) وَقِيلَ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَالصَّلَاةُ أَوْ بِالْمَدِينَةِ فَالصَّوْمُ مُغْنِي.(قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ) وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ الْعِبَادَاتُ تَخْتَلِفُ أَفْضَلِيَّتُهَا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا وَفَاعِلِيهَا فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْل بِأَفْضَلِيَّةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَمَا لَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخُبْزَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْجَائِعِ، وَالْمَاءُ أَفْضَلُ لِلْعَطْشَانِ، فَإِنْ اجْتَمَعَا نُظِرَ لِلْأَغْلَبِ فَتَصَدُّقُ الْغَنِيِّ الشَّدِيدِ الْبُخْلِ بِدِرْهَمٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ حُبِّ الدُّنْيَا، وَالصَّوْمُ لِمَنْ اسْتَحْوَذَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ.(قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي الْمُغْنِي.(قَوْلُهُ: مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ) وَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْآكَدِ دُونَ الْمُؤَكَّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ الْأَحَدِ الْمُقَابِلِ لِلْآكَدِ ع ش.(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْعَمَلُ الْقَلْبِيُّ إلَخْ) أَيْ كَالْإِيمَانِ، وَالْمَعْرِفَةِ، وَالتَّفَكُّرِ أَيْ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّوَكُّلِ، وَالصَّبْرِ، وَالرِّضَا، وَالْخَوْفِ، وَالرَّجَا وَمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ، وَالتَّوْبَةِ، وَالتَّطَهُّرِ مِنْ الرَّذَائِلِ، وَأَفْضَلُهَا الْإِيمَانُ وَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ تَطَوُّعًا بِالتَّجْدِيدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّوْبَةِ. اهـ.(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَلَّ كَتَفَكُّرِ سَاعَةٍ مَعَ صَلَاةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش وَرَشِيدِيٌّ.(قَوْلُهُ: كَالْحَجِّ) أَيْ كَسَفَرِ الْحَجِّ.(قَوْلُهُ: فِي بَابِ الْوُضُوءِ) حَيْثُ قَالَ، وَالْأَوْجَهُ إنْ قَصَدَ الْعِبَادَةَ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ انْضَمَّ لَهُ غَيْرُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا. سم.(صَلَاةُ النَّفْلِ قِسْمَانِ قِسْمٌ لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ لَا حَالٌ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ مُقْتَضَاهُ نَفْيُ سُنِّيَّتِهِ حَالَ الْجَمَاعَةِ لَا الِانْفِرَادِ وَهُوَ فَاسِدٌ بَلْ هُوَ مَسْنُونٌ فِيهِمَا، وَالْجَائِزُ بِلَا كَرَاهَةٍ هُوَ وُقُوعُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ (فَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ مَعَ الْفَرَائِضِ) وَهِيَ السُّنَنُ التَّابِعَةُ لَهَا (وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ) وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا لِلِاتِّبَاعِ وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ أَوْ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ وَأَنْ يَضْطَجِعَ، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ بَعْدَهُمَا وَكَأَنَّ مِنْ حِكَمِهِ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِذَلِكَ ضَجْعَةَ الْقَبْرِ حَتَّى يَسْتَفْرِغَ وُسْعَهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَيَتَهَيَّأَ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا أَوْ تَحَوُّلٍ وَيَأْتِي هَذَا فِي الْمَقْضِيَّةِ وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَكَذَا) رَكْعَتَانِ (بَعْدَهَا وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ الْمَغْرِبِ) وَفِي الْكِفَايَةِ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا حَتَّى يَنْصَرِفَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ بَيَانٌ لِأَصْلِ السُّنَّةِ وَذَلِكَ لِكَمَالِهَا وَيُسَنُّ هَذَانِ أَيْضًا فِي سَائِرِ السُّنَنِ الَّتِي لَمْ تَرِدْ لَهَا قِرَاءَةٌ مَخْصُوصَةٌ كَمَا بُحِثَ (وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ الْعِشَاءِ) وَلَوْ لِلْحَاجِّ بِمُزْدَلِفَةَ، وَإِنَّمَا سُنَّ لَهُ تَرْكُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ لِيَسْتَرِيحَ وَيَتَهَيَّأَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْكُلِّ (وَقِيلَ لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ)؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَيَرُدُّهُ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَيَفْتَتِحُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يُطَوِّلُهَا» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَيْنَكَ لَيْسَتَا مِنْهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إلَى آخِرِهِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ إنَّمَا يَنْفِي التَّأَكُّدَ لَا أَصْلَ السُّنَّةِ وَمَعْنَى تَعْلِيلِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا جَازَ كَوْنُهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ انْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلتَّأْكِيدِ (وَقِيلَ «أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.(وَقِيلَ وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّارِ» (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ» وَصَحَّ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ) رَاتِبَةٌ قَطْعًا لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ (وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ) مِنْ حَيْثُ التَّأَكُّدُ فَعَلَى الْأَخِيرِ الْكُلُّ مُؤَكَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحُ الْمُؤَكَّدُ تِلْكَ الْعَشْرُ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْبَاقِيَةِ وَكَانَ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي أَرْبَعِ الظُّهْرِ وَأَرْبَعِ الْعَصْرِ لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ وَمُبَادَرَتُهُ مِنْهَا أَمْرٌ عُرْفِيٌّ لَا وَضْعِيٌّ لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى؛ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يُؤْخَذُ فِيهَا مِنْ كَانَ بَلْ مِنْ لَا يَدَعُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لِلْأَغْلَبِ بِدَلِيلِ «أَنَّهُ تَرَكَ بَعْدِيَّةَ الظُّهْرِ لِاشْتِغَالِهِ بِوَفْدٍ قَدِمَ عَلَيْهِ وَقَضَاهَا بَعْدَ الْعَصْرِ»، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ الْمُؤَكَّدَ وَلَا غَيْرَهُ انْصَرَفَ لِلْمُؤَكَّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ، وَالطَّلَبُ فِيهِ أَقْوَى.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ: يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا سُنَّةٌ لِكُلِّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُغَيَّا بِانْصِرَافِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ سَنُّ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى يَنْصَرِفَ مَنْ يَنْصَرِفُ عَادَةً أَوْ مَنْ دَعَاهُ إلَى الِانْصِرَافِ أَمْرٌ عَرَضَ لَهُ.(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ هَذَانِ أَيْضًا فِي سَائِرِ السُّنَنِ إلَخْ) عِبَارَةُ أُسْتَاذِنَا أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى مِنْ جَمِيعِ الرَّوَاتِبِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ إلَّا إذَا وَرَدَتْ سُنَّةٌ بِخِلَافِهِ وَكَذَلِكَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَبَقِيَّةِ السُّنَنِ. اهـ.(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ أَنَّهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: إنَّهُ إذَا جَازَ كَوْنُهَا إلَخْ) فِيهِ خَفَاءٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَهُوَ خِلَافُ مُرَادِ هَذَا الْقَائِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ حَيْثُ فَعَلَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا كَمَا يَنْفِي الْمُوَاظَبَةَ يَنْفِي الرَّاتِبِيَّةَ مُطْلَقًا لِظُهُورِ التَّنَافِي بَيْنَ الْكَوْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالرَّاتِبِيَّةِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ الْقَطْعِ الْآتِي بِأَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ.(قَوْلُهُ: انْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ) هَذَا اللُّزُومُ مَمْنُوعٌ.(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِي الرَّاتِبِ ش.(قَوْلُهُ: وَاظَبَ عَلَيْهَا أَكْثَرُ) فَلَا مُوَاظَبَةَ.(قَوْلُهُ: لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لِلْقَطْعِ بِتَحَقُّقِ التَّكْرَارِ هَهُنَا وَعَدَمِ اسْتِلْزَامِهِ لِلْمُوَاظَبَةِ الْمُوجِبَةِ إنْ كَانَ لِلتَّأْكِيدِ وَأَيُّ وَجْهٍ لِنَفْيِ اقْتِضَاءِ التَّكْرَارِ وَأَيُّ حَاجَةٍ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ دَعْوَى أَنَّ عَدَمَ اقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ مَمْنُوعٌ وَأَيْضًا يَكْفِي الِاسْتِنَادُ فِي بَيَانِ التَّكْرَارِ مِنْهَا إلَى الْعُرْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجَابَ إلَخْ) لَك أَنْ تُجِيبَ أَيْضًا بِمَنْعِ أَخْذِ التَّأَكُّدِ مِنْ لَا يَدْعُ؛ لِأَنَّ لَا لَا تُفِيدُ تَأْبِيدَ النَّفْيِ فَيَصْدُقُ بِوُجُودِهِ فِي بَعْضِ أَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ بَعْضٍ.(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَرَكَ إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ تَرَكَهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهَا ثُمَّ قَضَاهَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِلتَّكْرَارِ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْعُرْفُ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ قَوْلُهُ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ أَيْ قَلِيلًا لُغَةً كَمَا بَيَّنَهُ الْكَمَالُ فِي حَاشِيَتِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْعُرْفُ يُنَبِّهُ عَلَى كَثْرَةِ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ ثُمَّ قَالَ، وَالتَّحْقِيقُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي تَحْرِيرِهِ وِفَاقًا لِلْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ فِي حَوَاشِيهِ أَنَّ الْمُفِيدَ لِلِاسْتِمْرَارِ هُوَ لَفْظُ الْمُضَارِعِ وَكَانَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مُضِيِّ ذَلِكَ الْمَعْنَى. اهـ. وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِمْرَارِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْرَارِ الِاسْتِمْرَارُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِمْرَارُ التَّجَدُّدِيُّ وَهُوَ مَعْنَى التَّكْرَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
|